Search me

Thursday, May 26, 2011

الإصلاح في الاردن بين الإرادة و الرغبة

منذ ان انطلقت شعارات التغيير والاصلاح في الاردن سواء في غابر الازمان او بعد غزوة دوار الداخلية ، اصبح التاريخ والتوقيت اقل مايمكن ان نكترث بشأنه. ولم يعد السؤال عن متى سيحدث مايجب ان يحدث. واصبح اكثر مايعنينا هو لماذا لم يحدث مايجب ان يحدث، لماذا لم يتم اصلاح الفاسد الى الان، ولماذا لم يتم تغيير القديم وهل قوى الشد العكسي تعمل باتجاه الجاذبية الارضية أما دعاة الاصلاح فيعملون عكسها.

الاصلاح والتحول الى الديموقراطية في الاردن كماهو الحال في كل دول العالم يحتاج الى عامل مهم جدا ان لم يكن العامل الاوحد والاهم في العملية برمتها وهو الارادة السياسية الراغبة في احداث التغيير والاصلاح. وهنا النقطة الاهم وهي عن اي ارادة سياسيه نتحدث؟ولاننا معنيون بالأردن فسوف نتحدث عن الإرادة السياسية في الأردن في مقابل الرغبة الشخصية.

خطاب جلالة الملك الذي جاء عشية عيد الاستقلال شدد مرة اخرى على أهمية المضي في الإصلاح وخصوصاً مكافحة الفساد.ولعل استقالة وزيري العدل و الصحة هي مؤشر بأن رسالة الملك القوية قد لامست آذان بعض من قوى الشد العكسي فاضطروا للاستجابة لها. وقبل ذلك وفي اكثر من مناسبة تحدث جلالته عن الاصلاح وامر بتشكيل لجنة دستورية للنظر في اصلاحات دستورية. وقبل ذلك بكثير امر جلالته باعداد قانون انتخابي عصري يلبي طموحات الشعب الاردني ولكن ماخرج لنا هو استنساخ فاشل للنظام الانتخابي القديم.

ولعله هنا تتضح بعض من جوانب الارادة السياسه والتي هي اساس دحرجة عجلة الاصلاح وهي ارادة جلالة الملك. فبصفته ملك البلاد ومصدر التشريعات فهو من يتمتع بالارادة السياسية المطلقة القادرة على احداث التغيير والفاعلة في مسيرة الاصلاح. فهو راس الهرم السياسي في المملكه واليه تتوجه كل الانظار عندما يتعين اتخاذ اجراء ما في مسألة حساسة كمسألة مكافحة الفساد. لذلك فإن استقالة الوزيرين على خلفية قضية خالد شاهين وتشكيل اللجنة الدستورية المكلفة ببحث مالم يكن احد يجرؤ على بحثه انما هي امثلة على الارادة السياسية الملكية.

اما الرغبة الشخصية فهي تلك التي تنازع اصحاب المناصب العليا في جهاز الدولة والذين يستغلون الموقع لتحقيق مآرب شخصية تعود بالنفع عليهم وعلى المقربين منهم وعائلاتهم. وهم اكثر المكونات خطرا في قوى الشد العكسي. وقد قلت في مرة سابقة بان في الحكومة ، اي حكومة في اي دولة، صندوق أسود مكون من الساسة و المشرعين ورجال الدولة وموظفي المناصب العليا والعسكريين ورجال المال و الاعمال – واسوأ مايكون هو تزاوج راس المال مع السياسة – والمتنفذين من ابناء العائلات اوالعشائر والذين يملكون طريقا للعبور الى مراكز صنع القرار في جسم الدولة. كل هذا الخليط هو الصندوق الاسود وتختلف قوة مكونات الخليط بحسب الدولة وتركيبتها السياسية والاقتصادية و الاجتماعية.

وفي الاردن يوجد صندوق اسود تعمل الكثير من مكوناته بحسب رغباتها الشخصية والتي في كثير من الاوقات تتعارض مع الارادة السياسية لجلالة الملك الطامح للتغير بينما هم يحافظون على الوضع القائم. وببساطة عندما تعبر الرؤية السياسية من خلال الصندوق الاسود و الذي ينبغي في احسن الاحوال ان يعمل على تطبيقها من خلال صياغتها على شكل سياسات اوتشريعات اوقوانين، فإن مايحدث في الواقع هو عملية اعادة تدوير لهذه الرؤية السياسيه وافراغ من محتواها وتشويه وتعطيل لها ومن ثم إعادة اخراجها كرؤية غير صالحة للتطبيق واظهارها على انها عاجزه عن الاستيفاء. كل ذلك يتم في خدمة الرغبة الشخصية لاصحاب المناصب وعلى النقيض تماما من الرؤية السياسة للملك. ولذلك نجد بأن قانون الانتخاب كان قانونا مسخاً لايلبي الطموح وكذلك نجد بأن قمع المتظاهرين والمطالبين بالاصلاح يتم بالرغم من توجيهات الملك بحرية التعبير. حتى قانون المطوبعات والنشر والذي امر جلالة الملك بتعديلة ليسمح بحرية تعبير اكبر تم عكسه بعد فترة واصبح اكثر تشددا.

لذلك فحديث جلالة الملك عن قوى الشد العكسي كان ناتجاً عن تجربته الشخصية مع مكونات الصندوق الاسود والتي تقف حجر عثرة امام اي عملية اصلاح. ولكن من الممكن جدا ان يقوم جلالة الملك بتفكيك اجزاء هذا الصندوق الاسود الى مكوناتها الاوليه في عملية اصلاح شامل تحتاج الى كثير من الحشد و المخاطرة في فترة تمر بها المنطقة من حولنا بتقلبات صادمه. او ان تتم عملية الاصلاح بشكل تدريجي في دوائر محدده وقطاعات معينه من بينها مكافحة الفساد مثلا. بالرغم من ان هنالك ايضا مخاطر في عمليات الاصلاح التدريجي وهو ان تبقى عرضة للتغيير والتفريغ كلما تم تمريرها عبر الصندوق الاسود. ولكن للاجابة على لماذا لم يتم اصلاح الفاسد وتغيير القديم الى الان يحتاج ببساطة الى حشد قوى المجتمع المدني خارج جسم الدولة لتكون سنداً للارادة السياسة الطامحة في التغيير. وهذا الحشد لايتم برفع الاعلام او تعليق يافطات تجدد البيعة والولاء وانما من خلال رفض محاولات اثارة الكراهية والعنصرية من خلال بناء فكر مدني قابل للتعاطي مع الاخر على اساس ارضية مشتركة راغبة في البناء لاخراج الاردن من عنق الزجاجة. وكذلك تطوير دور النقابات وتأهيل الاحزاب السياسية بعيدا عن الشعارات جوفاء.

الاصلاح التدريجي يحدث ولكن ببطأ ولذلك سمي بالتدريجي ولكن ليس بالبطأ الذي اشار اليه معروف البخيت والذي يرمي به الى احباط الناس. ولكن هناك خطوات منطقية ومناطق ودوائر او قطاعات في الدولة يمكن ان يتم استهدافها بالاصلاح لخلق نماذج اصلاحية وارسال رسائل واضحة لاصحاب الرغبات الشخصية. ‘ن تكاتف الارادة السياسية وتدعيمها بمؤسسات مجتمعية مدنية وتحشيد شعبي واظهار إنجازات الاصلاح كفيلة بأن تجعل اصحاب الرغبات الشخصية بان يتسابقوا للخروج من الصندوق الاسود.

2 comments:

Anonymous said...

يجب طرد اصحاب الرغبات الشخصية من اي منصب فيه مسؤوليه.

Anonymous said...

كلنا خلف جلالة المللك في الاصلاح. الله معو ابوحسين.